سلطة الأراضي تختتم ورشة تدريبية حول استخدام الوسائط البديلة في فض النزاعات المرتبطة بالأراضي

رام الله – 16–17سبتمبر 2025 –  اختتمت سلطة الأراضي، بالشراكة مع مركز أبحاث الأراضي، ورشة عمل تدريبية بعنوان "استخدام الوسائط البديلة في فض النزاعات المرتبطة بالأراضي". نُظمت الورشة على مدار يومين في فندق السيزر بمدينة رام الله، بحضور الملحق الاقتصادي الهولندي السيدة فيرا كلوك، وبمشاركة واسعة من ممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية ذات العلاقة.

 

افتتح رئيس سلطة الأراضي، المستشار علاء التميمي، أعمال الورشة بكلمة ثمّن فيها جهود موظفي السلطة القائمين على تنظيم الفعالية، ووجّه شكره للممولين والداعمين على التزامهم بتعزيز المعرفة بالوثائق القانونية والإجرائية المرتبطة بأعمال التسوية. كما أشاد بدور مركز أبحاث الأراضي، واصفًا إياه بأنه يشكل ركيزة أساسية في دعم قطاع الأراضي الفلسطيني.

وأكد التميمي على أهمية تثبيت الحقوق لأصحابها، رغم العراقيل التي يفرضها الاحتلال ومحاولاته المستمرة لعرقلة أعمال التسوية والاستيلاء على الأراضي. ودعا كافة الأطراف الشريكة إلى مواصلة جهودها لتحقيق الأهداف المشتركة، لا سيما في المناطق المصنفة "ج"، مشددًا على التزام سلطة الأراضي بالتميز في أدائها وخدمة المواطنين بكفاءة ومهنية.

من جهته، رحّب مدير عام مركز أبحاث الأراضي، محمد حساسنة، بالحضور وأعضاء لجنة الحوكمة، مشيدًا بمشاركتهم الفاعلة ومساهماتهم التي اعتبرها خطوة استراتيجية لمواجهة التحديات الميدانية وضمان حقوق المواطنين في ظل الظروف السياسية الراهنة.

 

وتندرج هذه الورشة ضمن الخطة الاستراتيجية لمشروع "تحسين حوكمة الأراضي للمزارعين الفلسطينيين"، الممول من وكالة العمل الهولندية، ويُنفّذ بالشراكة مع مؤسسة سانت إيف، ومركز القدس للمساعدة القانونية، وبالتعاون الكامل مع سلطة الأراضي، ووزارة الزراعة، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان. وتأتي هذه المبادرة في سياق تعزيز الحوكمة الرشيدة، وحماية الحقوق، وتحقيق الاستدامة في إدارة قطاع الأراضي، إضافة إلى تطوير قدرات الكوادر ورفع كفاءتهم المهنية.

 

وقد شهدت الورشة مشاركة فاعلة من موظفي الإدارات العامة والوحدات المساندة في سلطة الأراضي، إلى جانب ممثلين عن المؤسسات الشريكة، ونخبة من الأكاديميين والمختصين في مجال الأراضي وفض النزاعات. وكان من أبرز المشاركين مدير عام سلطة الأراضي، السيد سامر عودي، الذي تناول خلال مداخلته أهمية الوسائط البديلة في حل النزاعات ودورها في تعزيز الأمن العقاري، وتسريع الإجراءات القانونية، وتقليل التكاليف، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة إيجاد حلول فعالة للنزاعات التي تهدد السلم الأهلي وتسهم في ضياع الحقوق، مشيرًا إلى أن الوسائط البديلة تُمثل أداة داعمة للعمل القضائي، وتُسهم في الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتحقيق الاستقرار.

كما شارك الدكتور فواز أبو زر، الوكيل المساعد وباحث في شؤون الأراضي، بمداخلة تناول فيها التحديات القانونية التي تواجه فض النزاعات العقارية، فيما قدّم الدكتور فواز التميمي من مركز أبحاث الأراضي عرضًا تطرق فيه إلى دور الوسائط المجتمعية في تسوية الحقوق العقارية. وبدوره، ناقش الدكتور غسان خالد، أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة النجاح الوطنية، الفروق الجوهرية بين القضاء والتحكيم، ومدى قانونية اللجوء إلى التحكيم في قضايا الأراضي. أما الدكتور أحمد السويطي، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الخليل، فقد قدّم مداخلة أكاديمية تناول فيها سبل تعزيز الوساطة القانونية كأداة فاعلة لحل النزاعات العقارية في السياق الفلسطيني، بما ينسجم مع الإطار التشريعي المحلي ويعزز من استقرار المنظومة القانونية.

 

وقد تناولت الورشة عدة محاور رئيسية، من بينها: دراسة الخطة المجتمعية الموحدة لحل النزاعات المرتبطة بالأراضي، تحليل أسباب النزاعات وأنواع الدعاوى، واستعراض الوسائط البديلة وأساليب تطبيقها، إلى جانب مناقشة الفروقات بين التحكيم والقضاء، ومدى إمكانية توظيف التحكيم كأداة فعالة في تسوية النزاعات العقارية.

 

وفي ختام الورشة، توصّل المشاركون إلى مجموعة من التوصيات العملية التي تهدف إلى تعزيز استخدام الوسائط البديلة في معالجة النزاعات العقارية. من أبرز هذه التوصيات: إعداد دليل وطني موحد ينظّم آليات الوساطة والتحكيم في قضايا الأراضي، بما يتماشى مع القوانين الفلسطينية وخصوصية الواقع المحلي؛ وتقديم ورقة سياسات تُوجّه صناع القرار نحو تبني أدوات بديلة لتسوية النزاعات. كما أوصى المشاركون بضرورة تفعيل قانون الوساطة والتحكيم، وإنشاء لجنة مختصة بتنظيم قطاع المحكمين وتطوير معايير اعتمادهم.

 

كذلك تم التأكيد على أهمية بناء قدرات العاملين في قطاع الأراضي من خلال برامج تدريبية متخصصة، وتعزيز مهارات التعامل مع النزاعات المجتمعية، بالإضافة إلى دعوة مؤسسات المجتمع المدني والهيئات المحلية للانخراط في عمليات الحل عبر آليات تشاركية شفافة. وشددت التوصيات على ضرورة توسيع التعاون بين المؤسسات الرسمية، والمراكز الأكاديمية، ومراكز الأبحاث لتطوير حلول مستدامة ومتكاملة لإدارة النزاعات. كما دعت الورشة إلى مراجعة وتحديث التشريعات ذات العلاقة، بما يوفّر إطارًا قانونيًا داعمًا لاستخدام الوسائط البديلة، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال وتكييفها بما يتلاءم مع السياق الفلسطيني.

 

ويأمل المشاركون أن تُسهم هذه التوصيات في تطوير بيئة قانونية ومجتمعية حاضنة للوساطة والتحكيم، بما يضمن تسوية عادلة للنزاعات، وحماية الحقوق، وترسيخ الاستقرار في قطاع الأراضي الفلسطيني.